بالتأمل والعمل (وَخَشِي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ): غائبًا عنه الرحمن فلا يراه، أو غائبًا عن عذاب الرحمن (فَبَشِّرْهُ بِمَغفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ): حسنًا (إِنَّا نَحْنُ نُحْيي الْمَوْتَى): عند البعث (وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا): من أعمالهم الصالحة والطالحة التي باشروها بأنفسهم (وَآثَارَهُمْ): ما سنوا من سنة حسنة أو سيئة، فعمل بها أحد اقتداء بهم، فيجزون عليها أيضًا، وقريب منه ما قال بعض السلف المراد: ما أرّثوا من الهدى والضلال، أو المراد آثار خطاهم إلى الطاعة والمعصية، وفي الطبراني عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد، فأرادوا أن يتحولوا إلى قرية فنزلت " سنكتب ما قدموا وآثارهم " فثبتوا في منازلهم، وهذا المعنى رواه غير الطبراني، وفيه إشكال لأنَّهُم صرحوا بأن السورة بكمالها مكية (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ): اللوح المحفوظ.
* * *
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (١٥) قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٧) قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩) وَجَاءَ مِنْ


الصفحة التالية
Icon