بِعِبَادِي)، أي: قال الله تعالى، إذا كان الأمر كذلك فأسر ببني إسرائيل، (لَيْلاً): قبل الصبح، (إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ): يتبعكم القبط، (وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْوًا)، أي: اتركه حين قطعته، وعبرت ساكنًا كهيئته، ولا تأمره بأن يرجع إلى ما كان، وذلك لما جاوز أراد أن يضرب بعصاه، حتى يعود كما كان ليصير حائلاً بينهم وبين فرعون، فأمر الله تعالى أن يتركه على حاله، (إِنَّهُمْ جُندٌ مغْرَقُونَ كَمْ تَرَكُوا)، كثيرًا تركوا، (مِن جَنَّات وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ)، في مصر وقراه، (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ): متنعمين، (كَذَلِكَ): مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها، (وَأَوْرَثناهَا)، عطف على الفعل المحذوف، (قَوْمًا آخَرِينَ)، بني إسرائيل، (فمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ)، لكل مؤمن باب في السماء ينزل منه رزقه، ويصعد فيه عمله، فإذا مات أغلق بابه فقد بكا عليه، وإذا فقده مصلاه من الأرض بكت عليه وليس لقبط عمل صالح فما بكت، وكلام بعض السلف: على أن بكاء الباب المذكور لكل مسلم، وأما بكاء السماء مطلقًا فما بكت منذ كانت الدنيا إلا على اثنين يحيى بن زكريا، وحسين بن عليٍّ عليهما السلام (١) لما قتلا احمرت السماء وبكت، وقيل: مجاز عن عدم الاكتراث بهلاكهم، قالت العرب في موت عظيم: بكته الريح وأظلمت له الشمس، (وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ): ممهلين لتوبة وغيرها.
* * *

(١) هذا من كلام زيد بن زياد، وهو يفتقر إلى ما يؤيده.


الصفحة التالية
Icon