" ولو نشاء جعلناه أجاجًا "، أو يكون معنى الآية، نحن خلقناكم ابتداء، فهلا تصدقون بالبعث، ثم استدل، وقال أما ترون المني فكيف تجمع أولاً في الرجل، وهو منبث في أطراف العالم، ثم نجمع في الرحم بعدما كان منبثا في أعضاء الرجل، ثم نكون الحيوان منه، فإذا افترق بالموت مرة أخرى ألم نقدر على جمعه وتكوينه مرة أخرى؟! (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ): فهلا تذكرون أن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى، (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ) تبذرون حبة، (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ): تنبتونه؟! ولذلك قال عليه السلام: " لا يقولن أحدكم زرعت، وليقل غرثت " (أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا): هشيمًا لا ينتفع به، (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ): بالمقالة تنتقلون بالحديث، (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ): استئناف مبين لمقالتهم، أي: يقولون إنا لمعذبون مهلكون، أو لملزمون غرامة ما أنفقنا، والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض، (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ): محدودون ممنوعون، وعن الكسائي: التفكه من الأضداد يستعمل في التنعم والتحزن، (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ): السحاب جمع مزنة، (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا): شديد الملوحة، (فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ): تقدحون، (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ)، للعرب شجرتان المرخ والعفار تحك أحد غصنيهما