ْحين قال عليه الصلاة والسلام: سيأتيكم إنسان (١) ينظر بعيني شيطان، فإذا ناداكم فلا تكلموه، فجاء رجل أزرق فقال له عليه الصلاة والسلام: علامَ تشتمني أنت وفلان، فانطلق الرجل، فدعاهم وحلفوا له، واعتذروا إليه (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا)، ظرف لن تغني (فَيَحْلِفُونَ لَهُ) لله تعالى على أنَّهم ما كانوا مشركين (كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ) كذبا في الدنيا أنَّهم منكم (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ) حسبوا أن الأيمان الكاذبة تروج الكذب في الآخرة، كما روجت في الدنيا (أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ اسْتَحْوَذَ) استولى (عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ) فلا يذكرون الله تعالى أصلاً ولا يصلون (أُولَئِكَ حِزْبُ) جنود (الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ) يعادونه (وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) في جملة من لهم ذل فى الدارين.
(كَتَبَ اللهُ) حكم وقرر (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) إما بالحجة وإما بها وبالسيف (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون) [الصافات: ١٧١ - ١٧٢] الآية (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) يعني لا يجتمع الإيمان ومحبة أعداء الله تعالى (وَلَوْ كَانُوا) أي من حاد الله (آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) أقاربهم (أُولَئِكَ) الذين لم يوادوهم (كَتَبَ) الله (فِى قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ): أثبته فيها (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ): من عند
(١) رواه أحمد وغيره، ولا شبهة أن هذا الرجل من المنافقين. [وقال الشيخ أحمد شاكر في " تعليقه على المسند " (٢٤٠٧): وإسناده صحيح].
بدأ بالآباء لأن الواجب على الأولاد طاعتهم فنهاهم عن توادهم ثم ثني بالأبناء لأنه أعلق بالقلوب ثم ثالثًا بالإخوان لأن لهم التعاضد ثم رابعًا بالعشيرة لأن بهم التناصر والمقاتلة / ١٢ وجيز.