(وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ): أغطية (مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ): فلا نفقه ما تقول (وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ): صمم، (وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَاب) يعني نحن في ترك القبول عنك بمنزلة من لا يفهم، ولا يسمع، وبينه -مع ما هو عليه- وبين داعيه -مع ما هو عليه- حجاب غليظ، فلا تلافى ولا ترآى، وفائدة من أن الحجاب ابتدأ منا ومنك، فيدل على استيعاب ما بين الطرفين بالحجاب (فاعْمَلْ): على دينك، (إِنَّنَا عَامِلُونَ): على ديننا، (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) أي: لست بجنيٍّ ولا بملك أتكلم بما لا تفهمون، (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ): وجهوا إليه وجوهكم، وأخلصوا له العبادة (وَاسْتَغْفِرُوهُ): من سالف الذنوب (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ): لا يطهرون أنفسهم، (قد أفلح من زكاها) [الشمس: ٩]، (قد أفلح من تزكى) [الأعلى: ١٤]، أو المراد زكاة أموالهم، وأصلها مأمور به في ابتداء البعثة وأما مقدارها وكيفيتها فبين أمرها بالمدينة. ولفظ الإيتاء يساعد المعنى الثاني، بل كالصريح، لكن الأول منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ): غير مقطوع وأما المنة فلله على أهل الجنة، (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ) [الحجرات: ١٧].
* * *
(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ قَالُوا