فانظروا إلى من لم يسمع قط في علم المعاني بالإسناد المجازي، ولا مرّ على أذنه تمثيلهم بشعر شاعر، وقصيدة شاعرة، ونهار صائم، وما له يوازي، ولا قرأ القرآن وهو ممتلئ به على لغة كل عربيّ حجازي، وغير حجازي.
ثم ارتقى من الجهل مصعدا يرتقي عنه أسفل السافلين، ويرتفع عنه (١) أجهل الجاهلين الغافلين، وقال: " إن هذه العبارة منكرة شرعا، ممنوعة من قبل الحكم الديني منعا؛ لأنها تشمل الملائكة وجبرائيل وميكائيل " فملأ بذلك وعاءه جهلا، لا وَزَنَهُ ولا كاله؛ لأنه لم يقف قط على قول العلماء في مثل ذلك: إنه موكول إلى تخصيص العقل بعالم القائل السالك، وعلى ذلك قوله تعالى لبني إسرائيل (وأني فضلتكم على العالمين) قالوا: لا تدخل فيه لما ذكر الأنبياء ولا الملائكة.
ولولا اعتبار هذه القاعدة التي ليس عنها براحٌ لكان التلقيب بقاضي القضاة، وأقضى القضاة محرّما غير مباح، لأنه شامل لكل نبي، أجل، بل ولربِّ العالمين سبحانه عزّ وجلّ.
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيًّا... ولكن لا حياةَ لمن تنادي (٢)
وممن إذا سمع بذكر الاجتهاد الذي هو من آكد فروض الشريعة تعجب منه، وعدّه من المنكرات الفظيعة (٣) (٤).
الله أكبر! نزر العلم، وغزر الجهل، وتكلّم من ليس للخطاب بأهل.
وممن إذا روي له حديث لم يفرّق بين الموقوف والمرفوع، ولا بين الموصول والمقطوع، ولا بين الصحيح والموضوع.
وأعظم من ذلك أنه يعتمد الأخبار المختلقة الموضوعة، ويرد الأحاديث الصحيحة المسموعة، سنة بني إسرائيل، وتحريف ابن صوريا على جبرائيل (٥).

(١) في ت، ح، د: عنده.
(٢) لكثير عزة، انظر في: ديوان كثير ص٢٢٢ قال شارح الديوان: قيل البيت في الرثاء، ثم أصبح مثلاً يضرب لمن يوعظ فلا يقبل ولا يفهم.
(٣) في د: القطيعة.
(٤) انظر في تحدث السيوطي عن إنكار ابن الكركي الاجتهاد على السيوطي في شرح مقامات جلال الدين السيوطي ١/ ٣٨٨.
(٥) المقصود بهذا الكلام هو: إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد أبو الوفاء الكركي الأصلي، القاهري المولد والدار ٨٣٥ - ٩٢٢ الذي نعته السخاوي في الضوء اللامع ١/ ٦٢ بقوله: =


الصفحة التالية
Icon