النكرة؛ لأنها وقعت في جواب هل من رجل عندك، على سبيل الاستغراق، فوجب أن يكون الجواب أيضاً بحرف الاستغراق الذي هو " من " ليكون الجواب مطابقا للسؤال، فكان قياسه لا من رجل في الدار، ليكون النفي عاما، كما كان السؤال عاما، ثم حذفت " من " من اللفظ تخفيفا، وتضمن الكلام معناها، فوجب أن يبنى لتضمنه معنى الحرف، كما بني خمسة عشر حين تضمن حرف العطف (١).
* * *
لطيفة: قال ابن جني في " الخصائص ": باب في اقتضاء الموضع لك لفظا، وهو معك إلا أنه ليس بصاحبك، من ذلك قولهم: لا رجل عندك، ولا غلام لك، فـ " لا " هذه ناصبة لاسمها، وهو مفتوح إلا أن الفتحة فيه ليست فتحة النصب التي تتقضاها " لا " إنما هذه فتحة بناء وقعت موقع فتحة الإعراب الذي هو عمل " لا " في المضاف، نحو لا غلام رجل عندك.
قال: ونظير ذلك قولك: مررت بغلامي، فالميم تستحق جرة الإعراب بالباء، والكسرة فيها ليست الموجبة بحرف الجر، إنما هي التي تصحب ياء المتكلم في الصحيح؛ لأنها تثبت في الرفع وفي النصب، وذلك دليل على أنها ليست كسرة الإعراب وإن كانت بلفظها (٣).
قوله: (وفي قراءة أبي الشعثاء)
هو بفتح الشين وسكون العين، اسمه سليم بن الأسود المحاربي، تابعي مشهور (٤)
قوله: (مرفوع ب " لا ")
زاد في " الكشاف ": " والفرق بينها وبين المشهورة أن المشهورة توجب الاستغراق، وهذه تجوزه " (٥).
وقال الإمام: والذي يدل على إيجاب المشهورة للاستغراق أن نفي الجنس نفي الماهية، وهو يقتضي نفي كل فرد من أفرادها، فلو ثبت فرد من أفرادها ثبتت الماهية.


الصفحة التالية
Icon