المحذوف إذا دلت الدلالة عليه كان في حكم الملفوظ به، من ذلك قوله: رسم دار وقفت في طلله؛ أي: رب رسم دار، وكان رؤبة إذا قيل له: كيف أصبحت؟ يقول خيرٍ عافاك الله؛ أي: بخير، وتحذف الباء لدلالة الحال عليها بجري العادة والعرف بها وعلى نحو هذا تتوجه قراءة حمزة (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ) ليست هذه القراءة عندنا من الإبعاد والفحش والشناعة والضعف على ما رواه فيها أبو العباس [بل الأمر فيها دون ذلك وأقرب وأخف وألطف وذلك أنَّ لحمزة أن يقول لأبي العباس]: لم أحمل الأرحام على العطف على المجرور المضمر بل اعتقدت أن يكون فيه باء ثانية حتى كأني قلت: (وبالأرحام) ثم حذفت الباء لتقدم ذكرها أيضاً في نحو قولك: بمن تمرر أمرر، فإذا جاز للفرزدق أن يحذف حرف الجر لدلالة ما قبله عليه مع مخالفته في الحكم له في قوله:
وإني من قوم بهم تتقي العدا | ورأب الثأي والجانب المتخوف |
وقال ابن يعيش في شرح المفصل: ضعف أكثر النحويين قراءة حمزة (والأرحام)