والوقف عليه بها؟ قلت: قد كتبوا في المصحف أشياء تخالف النطق نحو (لا أذبحَنهُ) بالألف، و (بِأييد) بياءين إلى غير ذلك، والوقف اتبعوا فيه الرسم. اهـ
وأقول: هذا التخريج الذي خرجه أبو حيان فيه تكلف كبير، وهو خلاف ما يتبادر من اللفظ والسياق، والصواب تخريج الجمهور أنه حال من ضمير (لَكم)، وما رد به من لزوم تقييد الإحلال بهذه الحال لا يرد عند التأمل، وكم من حال وصفة لم يعتبر مفهومها، ثم رأيت السفاقسي ذكر مثل ما ذكرت فقال: هذا التخريج الذي ذكره أبو حيان فيه تكلف وتعسف لا يخفى على منصف من حيث زيادة الياء وفيها التباس المفرد بالجمع وهم يفرون منه بزيادة أو نقصان في الرسم فكيف يزيدون زيادة ينشأ عنها لبس؟ ومن حيث إضافة الصفة للموصوف وهو غير مقيس، ولا شك أن ما ذكره الجمهور من أن (غَيْرَ) حال وإن لزم منه الترك للمفهوم فهو أولى من تخريج ينبو عنه المفهوم، والمفهوم هنا متروك لدليل خارج، وكثير في القرآن مفهومات متروكة لعارض. اهـ
وقال الحلبي: هذا الذي ذكره أبو حيان وأجازه وغلط فيه الناس ليس بشيء وفيه خرق للإجماع، فإنَّهُم لم يعربوا (غَيْرَ) إلا حالاً حتى نقل عن بعضهم الإجماع على ذلك، وإنما اختلفوا في صاحب الحال.
قال: وقديماً وحديثاً استشكل الناس هذه الآية. اهـ
ثم قال السفاقسي: ويمكن فيه تخريجان:
أحدهما: أن يكون (غَيْرَ) استثناء منقطعاً، و (مُحِلِّي) جمع على بابه والمراد به: الناس الداخلون حل الصيد؛ أي: لكن إن دخلتم حل فلا يجوز لكم الاصطياد.
والثاني: أن يكون متصلاً من بهيمة الأنعام، وفي الكلام حذف مضاف إلى (مُحِلِّي) أي: أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا صيد الداخلين حل الاصطياد وأنتم حرم فلا يحل.
ويحتمل أن يكون على بابه من التحليل ويكون الاستثناء متصلاً والمضاف محذوف؛ أي: إلا صيد مُحِلِّي الاصطياد وأنتم حرم، والمراد بالمحلين: الفاعلون فعل من يعتقد التحليل فلا يحل، ويكون معناه: أن صيد الحرم كالميتة لا يحل أكله مطلقاً.
ثم قال السفاقسي: وعندي تخريج آخر حسن وهو أن يكون حالاً من ضمير (لَكم)


الصفحة التالية
Icon