وقال صاحب الفرائد: الأمر لا يصح أن يكون خبراً فيؤول إما بتقدير: فمقول فيهما اقطعوا، أو أنَّ المبتدأ لما كان متضمناً للشرط وأنه جواب له صح أن يكون خبراً كأنه قال: إن سرق فاقطعوا.
وقال ابن المنير: الاستقراء يدل على أنَّ العامة لا تتفق في القراءة على غير الأفصح، وجدير بالقرآن ذلك وهو أحق به من كلام العرب، وسيبويه يحاشي عن اعتقاد ورود القرآن عن الأفصح وحمله على الشاذ، وهذا لفظ سيبويه لتعلم براءته من ذلك.
قال في باب الأمر والنهى بعد أن ذكر المواضع التي يختار فيها النصب وتلخيصه: أنَّ من بنى الاسم على فعل الأمر فذاك موضع اختيار النصب، ثم قال: كالموضح لامتياز هذه الآية عما اختار فيه النصب وأما قوله عز وجل (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا) و (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) فلم يبن على الفعل لكنه على مثال (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) ثم قال بعد (فِيهَا أَنْهَارٌ). يريد سيبويه تمييز هذه الآية عما يختار فيه النصب فإنه في هذه الآية ليس الاسم مبيناً على الفعل بخلاف غيرها، ثم قال سيبويه: وإنما وقع المثل للحديث الذي ذكر بعده، فكأنه قال: ومن القصص مثل الجنة فهو محمول على هذا فكذلك (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) لما قال تعالى (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا) قال في جملة الفرائض (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) ثم جاء (فَاجْلِدُوا) بعد أن قضى فيهما الرفع، يريد سيبويه إنه لم يكن الاسم مبنياً على الفعل المذكور بعد، بل بني على محذوف وجاء الفعل طارئاً عليه.
قال سيبويه: وقد جاء:
وقائلةٍ خولان فانكح فتاتهم
جاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر، كذلك (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) أي: فيما فرض عليكم، وقد قرأ ناس (وَالسَّارِقَ وَالسَّارِقَةَ) بالنصب وهو في العربية على ما ذكرت لك من القوة ولكن أبت العامة إلا الرفع.
يريد أن قراءة النصب جاء الاسم فيها مبنياً على الفعل غير معتمد على ما تقدم، فكان قوياً بالنسبة إلى الرفع حيث بنى الاسم على الفعل لا على الرفع حين يعتمد الاسم على المحذوف المتقدم، فقد سبق منه أنه يخرجه عن الباب الذي يختار فيه النصب، والتبس على الزمخشري لأنه ظن الكل باباً واحداً ألا تراه قال: زيداً


الصفحة التالية
Icon