ورابعها: أن يكون مأخوذاً من قوله تعالى (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)، وهو المراد من قول الكشاف: وهو الذي يقال له الله فيها لا يشرك به في هذا الاسم، وهو اختيار أبي علي. وخامسها: أن لا يكون (فِي السَّمَاوَاتِ) متعلقاً بالاسم، وذلك بأن يكون خبراً بعد خبر، ومعناه: أنه عالم بما فيهما، كقوله (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) أي: بالعلم والقدرة. اهـ
ولخصه الشيخ سعد الدين فقال: لا خفاء ولا خلاف في أنه لا يجوز تعلقه بلفظ الله تعالى لكونه اسماً لا صفة وكذا في قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) لأن (إِلَه) اسم وإن كان بمعنى المعبود كالكتاب بمعنى المكتوب بل هو متعلق بالمعنى الوصفي الذي تضمن اسم الله كما في قولك: هو حاتم في طيء حاتم في تغلب، على تضمين معنى الجواد، والمعنى الذي يعتبر هنا يجوز أن يكون هو المأخوذ من أصل اشتقاق الاسم -أعني المعبودية- وأما ما اشتهر به الاسم من الألوهية وصفات الكمال ودلت عليه (وَهُوَ اللهُ) مثل: أنا أبو النجم وشعري شعري، أي: هو المعروف بذلك في السماوات وفي الأرض، أو ما يدل عليه التركيب الحصري من التوحد والتفرد بالألوهية، أو ما تقرر عند الكل من مقولية هذا الاسم عليه خاصة، فهذه أربعة أوجه وأما الخامس فهو أن يكون (فِي السَّمَاوَاتِ) خبراً آخر للمبتدأ، ومعنى كونه فيهما: أنه عالم بما فيها على التشبيه والتمثيل شبهت حالة علمه بها بحالة كونها فيها، لأن العالم إذا كان في مكان كان عالماً به وبما فيه بحيث لا يخفى عليه شيء، ويجوز أن يَكون كناية فيمن لم يشترط جواز المعنى الأصلي، ولا يستقيم الكلام بدون هذا المجاز أو الكناية وكذا قوله تعالى (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ). اهـ
قلت: والمصنف اقتصر من الأوجه المذكورة على الأول والخامس وترك الثلاثة لأنها قريبة المعنى من الأول، وقال في قوله تعالى (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ): إنه بيان وتقرير لجملة (وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ)، أي: إيضاح لمعنى العلم المراد منهما على الوجه الأخير وهو الوجه الخامس، لأنه على الأول استئناف كما في الكشاف.
قال الطَّيبي: إنه لما قيل هو المعبود فيها اتجه لسائل أن يسأل: فما شأنه مع عابديه


الصفحة التالية
Icon