الذين يقرؤون الكتاب يخبروك بصبر الأنبياء على الأذى ".
قلت: هذا أيضاً لا وجه له لوجهين:
أحدهما: أن الشاك بمعنى الضيق الصَدْر غير مسموع، ولا مذكور في الكتب.
والثاني: وهو أنه يلزم من ذلك نسبة المحال إلى النبي - ﷺ - أنه قال: ﴿فَإِن كُنتَ﴾ نسبة للمحال إلى النبي - ﷺ -؛ لأنه قال: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ فيكون معناه فإن كنت ضيق الصدر من القرآن -وحاشاه من ذلك-؛ ولأنه قال في آخرها ﴿فَلَا تَكُونَن مِنَ المُمتَرينَ﴾ وهو مُفتَعِلُ من المرية وهي الشك.
٨١ - قال فيها وجهاً آخر قال: " كان جائزاً على الرسول - ﷺ - وسوسة الشيطان؛ لأن المجاهدة في ردها مما يُستَحقُ عليها الثواب ".
قلت: هذا أيضاً لا وجه له، لأن الله تعالى أمره بالسؤال عن أهل الكتاب، وبالسؤال عن أهل الكتاب لا تزول الوسوسة ولا الشك؛ لأن أهل الكتاب إن كانوا مؤمنين به لم يكن لهم شك مما أنزل الله، فلا يجوز أن يكون النبي في شك، ومؤمنو أهل الكتاب في غير شك، فيكون غير النبي أعلى شأناً من النبي، ولو كان أهل الكتاب المسؤلون غير مؤمنين به لكانوا أكثر شكاً منه فكيف يزول الشك