قوله: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ﴾، واستفهام زجر وتكذيب نحو قوله: ﴿أفَسِحْرٌ هَذَا﴾ واستفهام تأنيس نحو قوله: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، واستفهام عتاب نحو قوله: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى﴾، واستفهام نفي نحو قوله: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ واستفهام تعجب نحو قوله: ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا﴾.
وههنا لَمَّا كان الخطاب للكافر في قوله: ﴿فَمَا يُكذبُكَ﴾ يكون تقديره: أيها الكافر من يُكذبك في قولك: لا بعث ولا حساب، فيكون جوابه الله يُكذبني ورسوله، فلا يكون في هذا الاستفهام فائدة؛ لأنه لا يمكن حمله على قسم من هذه الأقسام، لأنه لا يجوز أن يكون استعلاماً ولا نفياً، فيكون معناه: لا يكذبك أحدٌ. وهو محال لأنه مُكَذَّب. فلا بد أن يحمل على استفهام التعجب، ولو فسرناه على الوجه الذي فَسَّر لا يكونُ فيه تعجب؛ لأنه مكذب بالاتفاق. فلا بد أن نفسره على وجه الاستبعاد نحو قوله: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾. وإنما يكون مفسراً على هذا الوجه أن نقول معناه أي شيء يجعلك مكذباً أيها الإنسان بعد القرآن بالبعث. والله أعلم.