أراد السلامة فليحفظ ما جرى به لسانه وليَحْرُس ما انطوى عليه جنانه، وليحسن عمله، وليقصر أمله، ثم لم تمض أيام حتى نزل قوله تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ الآية.
٢٥٣ - ومن ذلك قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ لم يذكر فيه حديث أنس وهو ما رَوى مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس بن مالك قال: قيل لرسول الله - ﷺ -: من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟ فقال: (الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، واهتموا بآجل الدنيا حين اهتم الناس بعاجلها، فأماتوا منها ما خشوا أن يُميتهم، وتركوا منها ما علموا أنه سيتركهم، فما عرضهم من زائلها عارض إلاّ رفضوه، ولا خادعهم من رفعتها خادع إلا وضعوه، خَلَقَت الدنيا عندهم فما يُجَدِّدونها، وخربت بينهم فما يعمرونها) الحديث ".