ومن ذلك أنّهم قد احتملوا من أجل إتباع الحركات ما رفضوه في غيره وذلك قولهم: يخطّف، ويكتّب، فكسروا الياء في المضارعة اتباعا لما بعدها، ولولا ذلك لم تكسر الياء، لأن من يقول: أنت تعلم لا يقول: هو يعلم.
فأمّا ما حكاه من قولهم: هو يئبى، فليس مما يعترض به لشذوذه، فإنّما الكسرة في يخطّف لاستحباب قائله للإتباع «١»، كما أنّ من قال: ييجل، استجاز الكسر في الياء مع امتناعه في يعلم ليتوصل بذلك إلى قلب الواو ياء، فكذلك «٢» كسر فيما ذكرنا ليصل «٣» به إلى الإتباع.
قال أبو الحسن: من قال يخطّف كسر الخاء لاجتماع الساكنين ثم كسر الياء، أتبع الكسرة الكسرة وهي قبلها، كما أتبعها إيّاها وهي بعدها. وإتباع الآخر الأوّل في كلام العرب كثير، ويتبعون الكسرة الكسرة في هذا الباب. يقولون: قتّلوا وفتّحوا يريدون افتتحوا.
ومما يؤكد ذلك أن أبا الحسن قال: روى عيسى بن عمر أن بعض العرب يثقّل كل اسم أوّله مضموم إذا كان على ثلاثة أحرف، نحو: العسر، واليسر، والحكم، والرّحم. ومن الإتباع قولهم: هذا فوك ورأيت فاك، ومررت بفيك. ومثله قولهم: ذو مال، إلا أن ذو لا يضاف إلى المضمر، لمّا حذفت اللام من فم تبعت الفاء العين التي هي حرف الإعراب عندنا. فإن

(١) في (ط): الإتباع انظر الكتاب: ٢/ ٢٥٦.
(٢) في (ط): قال فكذلك.
(٣) في (ط): ليتوصل.


الصفحة التالية
Icon