انتصب على التمييز كذلك، ويكون العامل في الحال أنعمت، كأنّه قال: أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم!، أي في حال انتفاء الغضب عنهم، كما أنّ قولهم: جاءني زيد راكبا تقديره:
جاءني زيد في حال الركوب، وهكذا يمثّلونه.
فإن قلت: كيف جاز هذا التقدير وراكب عبارة عن زيد، وهو هو «١» في المعنى، وأنت لو قلت: جاءني زيد «٢» في حال نفسه لم يستقم؟ فالقول: إن ترجمة راكب- وإن كان زيدا في المعنى- لا يمتنع أن يكون ما «٣» ذكرنا، وإن لم يحسن جاءني زيد في حال نفسه، لأنّ راكبا يدلّ على الركوب، وزيد لا يدلّ عليه، ألا ترى أنهم قد قالوا:
إذا نهي السفيه جرى إليه «٤» أي: إلى السفه، فأضمره لمّا كان قد تقدّم ما يدل عليه؟
فإذا كان في ذكر راكب دلالة على الركوب، لم يمتنع أن تقول في ترجمة جاءني زيد راكبا: جاءني زيد في حال ركوبه،

(١) هو الثانية ساقطة من (ط).
(٢) في (ط): زيد جاءني.
(٣) كذا في (ط). وفي (م) بما ذكرنا.
(٤) صدر بيت عجزه:
وخالف والسفيه إلى خلاف ولم نجده منسوبا، وروي زجر مكان نهي. (انظر معاني القرآن:
١/ ١٠٤، وخزانة الأدب: ٢/ ٣٨٣، ٢٢٩). وقوله: «قالوا» يريد أن العرب يتمثلون به، وإن كان القائل في الأصل واحدا. وانظر الخصائص ٣/ ٤٩ والأمالي الشجرية ١/ ٦٨، ١١٣، ٣٠٥.


الصفحة التالية
Icon