والوجه الآخر «١»: (منّا) متعلّقا بما قبل، كأنه، من كان منهم منّا.
فإن قلت: كيف يصحّ أن يكون من كان منهم منّا؟ قيل:
هذا يكون على وجهين:
أحدهما: أن يكون (منّا) في معنى المخالطة والملابسة كما تقدّم، فيكون (منهم) مستقرّا، و (منّا) في موضع حال، ولا يكون (منّا) مستقرّا و (منهم) في موضع حال «٢» من قوله (منّا) لأنّ الحال لا تتقدم «٣» على العامل إذا كان معنى، فإن جعلت العامل في الحال كان جاز ذلك.
ويجوز أيضا في قوله: (من كان منهم منّا) أن يكون بينهم محالفة، فيجوز للحلف أن يقول: من كان منهم منّا: لأنّه يجوز- وإن كان من معشر آخرين- أن تقول: منا للحلف، أو للولاء.
وقد جاء: «مولى القوم منهم» «٤».
وعلى هذا
قوله: «الأذنان من الرأس» «٥»
وقال تعالى:

(١) في (ط): والوجه الثاني.
(٢) في (ط): ومنهم حالا.
(٣) في (ط): لا يتقدم.
(٤) هذا الحديث في البخاري عن أنس ونصه: (مولى القوم من أنفسهم» انظر فتح الباري ١٢/ ٤١.
(٥) قطعة من حديث ونصه: «حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال: توضأ النبي صلّى الله عليه وسلّم فغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا: ومسح برأسه وقال: «الأذنان من الرأس». قال الترمذي:
قال قتيبة قال حماد: لا أدري هذا من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم أو من قول أبي أمامة. الترمذي ١/ ٤٦، أبو داود ١/ ٩٣، ابن ماجة ١/ ١٥٢. وذكره النووي في شرح المهذب ١/ ٤١٣. وذكر مذاهب العلماء في ذلك.
وذكره الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٣٣.


الصفحة التالية
Icon