وكقوله: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة/ ٤] بعد قوله «١»: [عزّ وجلّ]: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة/ ٣] والغيب يعمّ الآخرة، وغيرها، فخصّوا بالمدح بعلم ذلك والتيقن له، تفضيلا لهم على الكفار المنكرين لها، في قولهم: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ، قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ [سبأ/ ٣]. وكقولهم «٢»: ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا [الجاثية/ ٣٢]، وكقولهم:
ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا [الجاثية/ ٢٤] وكذلك قوله: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الرحمن أبلغ من الرحيم، بدلالة أنه لا يوصف به إلا الله سبحانه «٣». وذكر الرحيم بعده لتخصيص المسلمين به في قوله تعالى «٤»: وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب/ ٤٣] فكما ذكرت هذه الأمور الخاصّة بعد الأشياء العامّة لها ولغيرها، كذلك «٥» يكون قوله مالك يوم الدين، فيمن قرأها بالألف بعد قوله: الحمد لله رب العالمين.
وممّا يشهد لمن قرأ: (مالِكِ) من التنزيل قوله تعالى «٦»:
وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار/ ١٩] لأن قولك: الأمر له، وهو مالك الأمر بمعنى. ألا ترى أن لام الجر معناها: الملك والاستحقاق، وكذلك قوله [عزّ وجلّ] «٧»: يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً [الانفطار/ ١٩] يقوّي ذلك؟
والتقدير: مالك يوم الدين من الأحكام ما لا تملكه نفس

(١) زيادة من (ط).
(٢) في (ط): وكقوله.
(٣) في (ط): عزّ وجلّ.
(٤) في (ط): عزّ وجلّ.
(٥) في (ط): وكذلك.
(٦) في (ط): سقطت كلمة: تعالى.
(٧) زيادة من (ط).


الصفحة التالية
Icon