ويذهب سيبويه إلى أنّ الإتمام في نحو: منهو، أجود من الحذف، وأن الحذف إذا كان قبل الهاء حرف اللين أحسن.
ولمن لم يتبع الهاء الياء ولا الواو في نحو: منه وعنه- وهو قراءة نافع إلّا فيما روي عنه من قوله: وأشركهو في أمري [طه/ ٣٢]- أن يحتجّ في حذف حرف اللين بعد الهاء، وإن لم يكن قبلها حرف اللين، «١» بترك اعتدادهم بها في ردّها، وبقولهم: يريد أن تضربها «٢» فيقول: كما لم يعتدّوا بها في هذه المواضع كذلك لا أعتدّ بها في: منه، فإذا أتبعت الهاء حرف اللين في: منه، فكأني قد جمعت بين ساكنين، لأنّ الهاء غير معتدّ بها عندهم حيث أريتك.
ومثل الهاء، في أنّه لمّا كان حرفا خفيا لم يعتدّوا به حاجزا، النون وذلك في قولهم: هو ابن عمي دنيا «٣» وفي قنية «٤» لمّا كانت النون خفيّة صارت الواو كأنّها وليت الكسرة فقلبتها، كما قلبتها في غازية ومحنية، «٥» ولو كان مكان النون حرف غيره لم يكن فيما بعده القلب، نحو: جرو وعدوه، فهذا مثل الهاء في أنّه للخفاء لم يعتدّ به حاجزا، كما لم يعتدّ بالهاء.

(١) في (ط): حرف لين.
(٢) أي بالإمالة مع الفصل بين الكسرة والهاء الممدودة بالياء.
(٣) يقال هو ابن عمي أو خالي أو نحوه دنيا بالضم، ودنية ودنيا بالكسر وتنوين الألف ومنعها، أي ابن عمي لحّا، وأصل الكلمة الواو من الدنو.
(٤) القنية بالكسر ما اكتسبه المرء، جرى أبو علي على أنها واوية من قنوت الشيء: كسبته، وذهب غيره إلى أنّها من قني يقنى كرضي يرضى ورمى يرمي، فهي يائية وجرى على ذلك في القاموس.
(٥) محنية الوادي بكسر النون: منعرجه.


الصفحة التالية
Icon