[يوسف:/ ١٠٦] فليس المؤمن هنا المطابق معتقده ما يظهره باللسان، ولكن المعنى: أن أكثرهم مع إظهارهم الإيمان بألسنتهم مشركون. وقد يطلق على المظهر ذلك بلسانه اسم مؤمن، ولا يجوز أن يراد بذلك المدح، ولكن الاسم الجاري على الفعل. وعلى هذا قوله: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ [الممتحنة/ ١٠] ألا ترى أن هذا على ما يظهرنه بألسنتهن من الشهادتين.
ومثل قوله: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ قوله: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها [النحل/ ٨٣] ومثله:
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام/ ٨٢] في قول من ذهب إلى أنّ الشرك الظلم، واحتجّ بقوله: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان/ ١٣]. والمعنى فيهما: أنّهم إذا سئلوا: من خلقهم، قالوا: الله. ثم يجعلون له شريكا. وقال السدّيّ «١» في قوله: وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء/ ٤٦]: القليل قولهم: الله ربنا، والجنة حقّ، والنار حقّ. فهذا قليل من إيمانهم، والقليل ليس بشيء.
فهذا مثل ما تقدّم من أنّه عبارة عن الفعل وليس بمدح كقوله: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً [الأحزاب/ ٤٧]، فقليلا على قول السّدّيّ وصف مصدر محذوف تقديره: فلا يؤمنون إلّا إيمانا قليلا. وهذا أوجه من أن
الخلاصة: ٣٠، والقاموس (سد).