لها في قوله: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام/ ٩١] وكفرهم بإرسال الرسل [إنكارهم] «١» إرسالهم بنحو قوله: «٢» وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ [المؤمنون/ ٣٤] وقوله: «٣» أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا [الفرقان/ ٤١]، وكفرهم بالآخرة قولهم: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي [سبأ/ ٣]. فكل هذه الأمور غيب قد أنكروه ودفعوه فلم يؤمنوا به ولم يستدلوا على صحته، فقال تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة/ ٤] أي بهذه الأشياء التي كفر بها هؤلاء الذين ذكر كفرهم بها عنهم وخصهم بالإيقان بالآخرة في قوله: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة/ ٤] وإن كان الإيمان بالغيب قد شملها لما كان من كفر المشركين بها «٤» وجحدهم إياها في نحو ما حكى عنهم من قولهم: «٥» وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا [الجاثية/ ٢٤] فكان في «٦» تخصيصهم بذلك مدح لهم.
ونظير ذلك في أنّه خصّ بعد ما عمّ قوله: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق/ ١] فعم بقوله: «خلق» جميع مخلوقاته ثم خص فقال خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ [العلق/ ٢] ويقرب من هذا قوله: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حيث أريد تخصيص المسلمين بالكرامة في قوله: وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب/ ٤٣] فالباء على هذا الوجه ليست في موضع الحال كما كانت كذلك في الوجه الأول، ولكنه في موضع نصب بأنه مفعول به، «٧» كما
(٢) في (ط): قوله تعالى.
(٣) في (ط): وقولهم.
(٤) سقطت هذه الكلمة من (ط).
(٥) في (ط): في قوله.
(٦) سقطت هذه الكلمة من (ط).
(٧) به ساقطة من (ط).