وأضرب منّا بالسّيوف القوانسا «١» فالقوانس على مضمر دون أضرب الظاهر، لأنّ المعاني لا تعمل في المفعول به وكان القياس ألّا تعمل في الحال.
ولا يجوز أن يكون موضع (من) في قوله: أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ [الأنعام/ ١١٧] جرّا لأن أفعل لا يضاف إلّا إلى ما هو بعض له، وليس ربّنا من المضلّين عن سبيله، فيضاف إليهم، فإذا لم يجز أن يكون جرّا، كان نصبا، كالقوانس في البيت.
وممّا يستقيم أن يكون انتصابه انتصاب المفعول به على السعة «٢» قوله تعالى «٣»: وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ [القصص/ ٤٢]. يحتمل أن يكون: وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة، ولعنة يوم القيامة،

الذي يعنيه سيبويه حين يقول: «أخبرني الثقة» توفي سنة ٢١٥ هـ انظر بغية الوعاة للسيوطي: ١/ ٥٨٣.
(١) عجز بيت للعباس بن مرداس الصحابي، وصدره في سياقه من الشعر:
فلم أر مثل الحيّ حيّا مصبّحا ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا
أكرّ وأحمى للحقيقة منهم وأضرب منّا بالسيوف القوانسا
مصبحا: بصيغة المفعول أي: مغزوا في وقت الصباح، والحقيقة: ما يجب على المرء الدفاع عنه، والقوانس جمع قونس كجعفر: أعلى البيضة، والبيضة قلنسوة من حديد تلبس لحماية الرأس في الحرب والبيت من إحدى المنصفات، وهي قصائد قد انصف قائلوها أعداءهم، قال ابن جني في إعراب الحماسة: القوانس عندنا منصوب بفعل مضمر يدل عليه أضرب، أي: ضربنا، أو نضرب القوانس. انظر شرح أبيات المغني للبغدادي ٧/ ٢٩٢ والمنصفات ص ٦١ - ٧٢. وخزانة الأدب: ٣/ ٥١٧ ونوادر أبي زيد/ ٥٩.
(٢) على السعة سقطت من (ط).
(٣) في (ط) عز وجل.


الصفحة التالية
Icon