فكما وصف الجبان بأنّه لا قلب له، وأنّه مجوّف وأنّه يراعة، لأنّه إذا كان كذلك بعد من الشجاعة، ومن الفهم لعدمه القلب، كذلك وصف من بعد عن قبول الإسلام بعد الدعاء إليه وإقامة الحجّة عليه بأنّه مطبوع على قلبه، وضيّق صدره، وقلبه في كنان، وفي غلاف.
قال أبو زيد: قالوا: رجل مفئود للجبان، وخلاف ما ذكره أبو زيد: رجل مشيّع للشجاع. فهذا إمّا أن يكون أريد «١»:
يشيّع «٢» قلبه، أي: ليس بمصاب في فؤاده، وإمّا أن يكون معه من نفسه شيعة يثبّتونه.
وأمّا قوله تعالى: كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ [الأنعام/ ١٢٥] فالمعنى: أن هذا الضيّق الصدر عن الإسلام نهاية الضيق إذا دعي إلى الإسلام، من ضيق صدره منه ونفوره عنه، وعن استماع الحكمة، كأنّه يراد على ما لا يقدر عليه من مصعد في السماء، أو حمل على ما يشبهه من «٣» الامتناع.
وروي عن ابن مسعود «٤»
أنّه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هل
(٢) في (ط): شيع.
(٣) في (ط): في.
(٤) هو عبد الله بن مسعود، أحد السابقين والبدريين والعلماء الكبار من الصحابة. عرض القرآن على النبي صلّى الله عليه وسلّم. وهو أول من أفشى القرآن من في رسول الله، وكان يخدمه. وكان الإمام في تحقيق القرآن وتجويده وترتيله مع حسن الصوت، إليه تنتهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش. (انظر طبقات القراء: ١/ ٤٥٨).
قدم من الكوفة إلى المدينة، فمات بها آخر سنة ٣٢، ودفن بالبقيع، وله بضع وستون سنة.