ركب بثيابه، وجاء في جنوده، فيكون الدعاء على هذا الوجه متعدّيا إلى مفعول واحد خلاف الوجه الأول. ويقوّي هذا قوله «١»: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً [الزمر/ ٧١] وقوله: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ [الصافات/ ٢٢] وروي عن الحسن «٢»: بإمامهم أي: بكتابهم الذي فيه أعمالهم «٣»، فيكون التقدير على هذا في قوله: بإمامهم، أي:
معهم كتابهم.
ومن ذلك قوله: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر/ ٨]. القول فيه أن (ذلك) إشارة إلى النقر، كأنّه قال: فذلك النقر يومئذ يوم عسير، أي: نقر يوم عسير، فقوله: يومئذ، على هذا متعلق بذلك، لأنّه في المعنى مصدر، وفيه «٤» معنى الفعل، فلا يمتنع أن يعمل في الظرف كما عمل في الحال.
ويجوز أن يكون (يَوْمَئِذٍ) ظرفا لقوله (يَوْمٌ)، ويكون يومئذ بمنزلة حينئذ، ولا يكون اليوم الذي يعنى به وضح النهار، ويكون اليوم الموصوف بأنّه عسير خلاف الليلة، فيكون التقدير:

(١) زيادة في (ط).
(٢) هو أبو سعيد الحسن بن يسار البصري، إمام زمانه علما وعملا، قال فيه الشافعي: لو أشاء أقول: إن القرآن نزل بلغة الحسن لقلت، لفصاحته.
ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه سنة ٢١ هـ وتوفي سنة ١١٠ هـ، انظر طبقات القراء: ١/ ٢٣٥.
(٣) انظر تفسير الطبري ١٥/ ١٢٧ والقرطبي ١٠/ ٢٩٦.
(٤) في (ط): فيه.


الصفحة التالية
Icon