وجاز «١» أن يجعل في هذه المواضع وغيرها غير نطق، فكذلك يجوز في الكذب أن يجعل غير نطق في نحو قوله:
... كذب القراطف والقروف «٢» فيكون في ذلك انتفاء لها، كما أنّه أخبر عن الشيء على خلاف «٣» ما هو به كان انتفاء للصدق فيه. وكذلك قول الآخر:

إذا المعسيات كذبن الصّبو ح خبّ جريّك بالمحصن
«٤» أي: إذا انتفى الصبوح منهن، فلم يوجد فيهن، أطعمت من مدّخر الطعام وغير ألبان هذه الإبل التي يظن أن فيهن «٥» الصبوح، فجعل كون الشيء على خلاف ما يظنّ كذبا وإن لم يكن قولا، فعلى هذا قالوا: «كذب القراطف»، أي: هو منتف
(١) في (ط): فجاز.
(٢) لمعقر البارقي يمدح بني نمير، ويذكر ما فعلوا ببني ذبيان بشعب جبلة، والبيت بتمامه:
وذبيانية أوصت بنيها بأن كذب القراطف والقروف
والقراطف: جمع قرطف كجعفر، وهو القطيفة، أي: كساء مخمل.
والقروف: جمع قرف بفتح فسكون، وهو وعاء من جلد يدبغ بالقرفة «قشر الرمان» يجعل فيه الخلع، بفتح فسكون، وهو لحم يطبخ بتوابل ثم يجعل في القرف، يتزود به المسافر. تحث الذبيانية بنيها على نهب القراطف والقروف. الخزانة: ٢/ ٢٨٩.
(٣) في (ط): بخلاف.
(٤) روي «منعن» مكان «كذبن» والمعسيات: جمع المعسية، وهي الناقة التي يشك فيها: أبها لبن أم لا، والجري: الوكيل، والرسول. وقيل: الخادم، والمحصن: ما أحصن وادخر من الطعام للجدب. انظر اللسان: عسا.
(٥) في (ط): فيها.


الصفحة التالية
Icon