[يونس/ ٤١] وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ [فاطر/ ٤١] وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا [البقرة/ ٣٩] ونحو ذلك من الآي.
فإن قلت: فكيف جاء: فإنهم لا يكذبونك، «١» والمعنى «٢» لا يجدونك كاذبا، لأنّهم قد عرفوا أمانتك وصدقك، وعرفت بذلك فيهم. قال أبو طالب:
إنّ ابن آمنة الأمين محمّدا يؤكد ذلك قوله: وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «٣» [الأنعام/ ٣٣] أي بردّ آيات الله، أو إنكار آيات الله يجحدون، أي: يجحدون ما عرفوه من صدقك وأمانتك.
ومثل ذلك قوله تعالى:
وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها [الاسراء/ ٥٩]، أي: ظلموا بردها أو الكفر بها، فكما أن الجارّ في قوله:
(فظلموا بها) من صلة (ظلموا) كذلك يكون من صلة الظلم في قوله: وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام/ ٣٣].
ويجحدون محذوف المفعول للدلالة عليه والتكذيب أكبر «٤» من الكذب، لأنّ كلّ من كذّب صادقا فقد كذب، وليس كلّ من كذب كان مكذّبا لغيره.

(١) في الآية ٣٣ من سورة الأنعام، ويكذبونك بضم الياء وتسكين الكاف وتخفيف الذال- قراءة نافع والكسائي، ويكذبونك- بضم الياء وتشديد الذال قراءة الباقين انظر الإتحاف: ١٢٥، وهي في (ط) بضم الياء وتشديد الذال.
(٢) في (ط): فالمعنى.
(٣) بقية الآية ٣٣ من سورة الأنعام المذكورة آنفا.
(٤) في (ط): أكثر.


الصفحة التالية
Icon