للحركة التي قبلها، ولم يجز إسكانها وقلبها ألفا لأنها فاء كالفاء في أخلّة ونحوه، وليس في يستهزءون حركة لمدغم يلزم أن تلقيها عليها، فتقلبها إلى ما يجانس حركتها دون ما يجانس الحركة التي قبلها.
فإن قلت: كيف استجاز أن يقلب الهمزة ياء محضة في يستهزءون ويحركها بالضم، وليس ياء هي لام على هذا الوصف تتحرك بالضمة؟ فإن ذلك فيما أصله الهمزة لا يمتنع، وإن لم يجز فيما أصله غير الهمز، لأنّ الهمزة لما كانت منويّة كانت في تقدير الثبات، ألا ترى أنّه وإن «١» خففها تخفيفا قياسيا لم يقلبها قلبا إلى الياء، وإذا كان كذلك لم يمتنع ثباتها وتحريكها، وإن لم يجز ذلك في الياءات التي ليس أصلها همزات، كما لم تمتنع الواو الساكنة من أن تقع قبل الياء مبيّنا غير مدغم «٢» إذا كان أصلها الهمزة نحو نؤي، ورؤيا وإن كان فيما يمتنع ذلك فيما أصله غير الهمز من الواوات.
ومما يدلك على صحة ذلك من قوله: إنّها في قولهم جميعا تثبت ساكنة في الجزم. فكما جاز أن يخالف «٣» الياءات التي هي لامات عند الجميع في السكون للجزم، كذلك جاز عنده أن يخالفهن «٤» في الحركة أيضا.
وقال أبو الحسن في كتابه في القرآن: من زعم أن الهمزة المضمومة لا تتبع الكسرة إذا خففت دخل عليه أن يقول: هذا قارو، وهؤلاء قاروون، ويستهزوون، قال: وليس
هذا من كلام من خفف من العرب.

(١) سقطت من (ط).
(٢) في (ط): مبينة غير مدغمة.
(٣) في (ط): تخالف.
(٤) في (ط): تخالفهن.


الصفحة التالية
Icon