والتقدير: ذوقوا العذاب، فاستغني عن ذكره للعلم به، وكثرة تردّده في نحو: وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ [السجدة/ ١٤] وذُوقُوا عَذابَ النَّارِ [السجدة/ ٢٠] [سبأ/ ٤٢]. ومن ذلك قوله «١» رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ [إبراهيم/ ٣٧] أي: ناسا أو فريقا. وقال: فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها [البقرة/ ٦١] أي شيئا. ومن ذلك قوله: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ [إبراهيم/ ٤٨].
ومنه
الحديث: «لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده» «٢»
المعنى: ولا ذو عهد في عهده بكافر، كما كان التقدير في الآية: والسموات غير السموات. والمعنى: لا يقتل مؤمن بكافر حربيّ، ولا ذو عهد في عهده بكافر. قال أبو يوسف
«٣»
: ولو كان المعنى: لا يقتل مؤمن به، كان: ولا ذي عهد في عهده، وممّا جاء في الشعر من ذلك قوله:

كأنّ لها في الأرض نسيا تقصّه على أمّها وإن تحدّثك تبلت
«٤»
(١) في (ط): قوله تعالى.
(٢) رواه البخاري (في الفتح) ١/ ١٨٢، ١٨٣ و ١٢/ ٢٣٠، وأبو داود رقم ٤٥٣٠ في الديات والنسائي ٨/ ١٩ في القسامة.
(٣) هو القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري صاحب أبي حنيفة رضي الله عنهما، أصله من الكوفة، وسكن بغداد، وتولى القضاء لثلاثة من الخلفاء: المهدي والهادي والرشيد، وهو أول من سمي قاضي القضاة، وأول من جعل للعلماء زيا خاصا بهم، وكان ملبوس الناس قبل ذلك شيئا واحدا لا يتميز أحد عن أحد بلباسه. ولد سنة ١١٣ وتوفي سنة ١٨٢ هـ في بغداد، انظر ابن خلكان ٦/ ٣٧٨.
(٤) البيت للشنفرى من المفضلية رقم ٢٠ ص ١٠٩ وفي شرح المفضليات


الصفحة التالية
Icon