وقال «١»: وأما الزاي فأحسب الأصمعيّ لم يضبط عن أبي عمرو، لأنّ الأصمعي كان غير نحويّ، ولست أحبّ أن تحمل القراءة على هذه اللغة، وأحسب أنه سمع أبا عمرو يقرأ بالمضارعة للزاي فتوهّمها زاء.
وأمّا القراءة بالمضارعة التي بين الزاي والصاد «٢» فعدلت عن القراءة بها، لأنّه تكلّف حرف بين حرفين، وذاك أصعب على اللسان، لأنّه إنّما استعمل في هذه الحال فقط، وليس هو بحرف يبنى عليه الكلم، ولا هو من حروف المعجم، ولست أدفع أنّه من كلام الفصحاء من العرب، إلا أنّ الصاد أفصح وأوسع وأكثر على ألسنتهم. والسين والصاد والزاي أخوات، والصاد أشبههنّ بالطاء، لأنّها مطبقة مثلها، والزاي أقرب أيضا إلى الطاء من السين، لأن الزاي حرف مجهور. قال أبو حاتم «٣»: ليست الزاي الخالصة بمعروفة. انتهت الحكاية عن أبي بكر.
قال أبو علي: الحجّة لمن قرأ بالصاد أن القراءة بالسين مضارعة لما أجمعوا على رفضه من كلامهم، ألا ترى أنّهم تركوا إمالة «واقد» ونحوه كراهة أن يصعّدوا بالمستعلي
بعد التسفل بالإمالة؟ فكذلك يكره على هذا أن يتسفّل ثم يتصعّد بالطاء في سراط، وإذا كانوا قد أبدلوا من السين الصاد مع

(١) في (ط): قال.
(٢) في (ط): بين الصاد والزاي.
(٣) هو أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني اللغوي النحوي المقرئ، كان إماما في علوم الأدب، وأخذ عنه علماء عصره كالمبرد وابن دريد وغيرهما، وتوفي سنة ٢٤٨ هـ، انظر ابن خلكان ٢/ ٤٣٠.


الصفحة التالية
Icon