وإن لم يحجز بينهما شيء؟ فكذلك قوله «١»: (أنبئهم) أتبع الكسرة في الهاء الكسرة التي قبلها.
والوجه الآخر «٢»: أنه لم يتعدّ بالحاجز الذي بين الكسرة والهاء لسكونها، فكأن الكسرة وليت الهاء، والكسرة إذا وليت الهاء «٣» كسرت نحو: به. ويكون تركهم الاعتداد- في «أنبئهم» - بالسكون كتركهم الاعتداد به في قولهم: هو ابن عمّي دنيا، وقنية «٤»، ألا ترى أنه من الدنوّ، وقالوا: قنوة. فكما قلبت الواو ياء في عارية ومحنية، لانكسار ما قبلهما، كذلك قلبوها مع حجز الساكن في دنيا. فإذا رأيتهم لم يعتدّوا بالحاجز إذا كان ساكنا، كذلك يجوز أن لا يعتدّ به حاجزا في قراءة ابن عامر، وما روي عن ابن كثير.
ولو ترك تارك الهمز في: (أنبئهم) فقال: (أنبيهم) لكان لكسر الهاء وجهان.
أحدهما: أنه لما خفف الهمزة لسكونها وانكسار ما قبلها «٥» فقلبها ياء كذيب وميرة «٦» أشبهت الياء التي هي غير منقلبة عن الهمزة، فكسر الهاء بعدها، كما تكسر «هم» بعد:
(ترميهم) و (يهديهم). ويقوي ذلك أن منهم من أدغم الواو الساكنة

(١) في (ط): قوله تعالى.
(٢) سقطت من (ط).
(٣) في (ط): وليتها الهاء.
(٤) يقال دنيا ودنية. ودنيا غير منون، وكأن أصل ذلك كله دنيا، أي: رحما أدنى إليّ من غيرها. اللسان: (دنا)، والقنية: ما اكتسب.
(٥) في (م): وانكسارها، وما في (ط): هو الصواب.
(٦) المئرة: العداوة، وجمعها مئر. اللسان (مار). وانظر سيبويه: باب الهمز ٢/ ١٦٣.


الصفحة التالية
Icon