مجاز ما يقع بعده على ثلاثة أضرب: أحدها: أن لا يتبع شيئا مما يجري مجرى الجواب كقوله: وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الحديد/ ٨] والآخر: أن يتلقّى بما يتلقّى به القسم. نحو: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ [آل عمران/ ١٨٧] والثالث: أن يكون أمرا نحو: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ، خُذُوا. ولم يجيء شيء من هذا النحو فيما علمنا «١» تلقّي بجواب قسم، ووقع بعده أمر فإن جعلت: لا تَعْبُدُونَ جواب قسم وعطفت عليه الأمر جمعت بين أمرين لم يجمع بينهما.
فإن قلت: لا أحمل الأمر على القسم، ولكن أضمر القول كأنّه: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا يعبدون إلّا الله... وقلنا لهم: وأحسنوا بالوالدين إحسانا.
فالقول: إن إضمار القول في هذا النحو لا يضيق، وقلنا على هذا معطوف على: أخذنا، وأخذ الميثاق قول، وكأنّه: قلنا لهم كذا، وقلنا لهم كذا.
فإن جعلته على أنّ اللفظ في: لا تَعْبُدُونَ لفظ خبر.
والمعنى معنى الأمر، فإن ذلك يقويه ما زعموا من أنّ في إحدى القراءتين: ولا تعبدوا «٢» ومثل ذلك قوله: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الصف/ ١١] يدلّك على ذلك قوله يَغْفِرْ
لَكُمْ
[الصف/ ١٢] وزعموا أن في بعض المصاحف آمنوا، ويؤكد ذلك أنه قد عطف عليه بالأمر، وهو قوله: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً، [البقرة/ ٨٣]
(٢) في (ط): لا تعبدوا.