يسألن عن غور وأين الغور والغور منهنّ بعيد جور ومن قال: حسنا جعله صفة، وكان التقدير عنده: وقولوا للنّاس قولا حسنا. فحذف الموصوف وحسن ذلك في حسن لأنها ضارعت الصفات التي تقوم مقام الأسماء.
نحو الأبرق، والأبطح، وعبد، ألا تراهم يقولون: هذا حسن، ومررت بحسن، ولا يكادون يذكرون معه الموصوف.
ومثل ذلك في حذف الموصوف قوله: قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا [البقرة/ ١٢٦] أي متاعا قليلا. يدلك على ذلك قوله:
قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ [النساء/ ٧٧] وقوله: لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتاعٌ قَلِيلٌ [آل عمران/ ١٩٧] فحسن هذا وإن كان «١» قد جرى على الموصوف في قوله: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ [الشعراء/ ٥٤] فكذلك يحسن في قوله:
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً. فأمّا قوله: ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ [النمل/ ١١] فينبغي أن يكون اسما، لأنه قد عودل به ما لا يكون إلا اسما وهو «السّوء».
وأمّا قوله: وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً [الكهف/ ٨٦] فيمكن أن يكون أمرا ذا حسن، ويمكن أن يكون الحسن مثل الحلو.
وأما قراءة الكوفيين «٢» في الأحقاف إِحْساناً وهو قوله «٣»: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً [الآية/ ١٥] فيدل عليه قوله: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً [البقرة/ ٨٣] والتقدير:

(١) في (ط): كان هذا.
(٢) انظر النشر ٢/ ٣٧٣.
(٣) في (ط): قوله عزّ وجلّ.


الصفحة التالية
Icon