وقد يكون لا يرجون الرجاء الذي خلافه اليأس، كما قال: قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ [الممتحنة/ ١٣] أي: من الآخرة، فحذف من الآخرة لتقدم ذكرها كما قال: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ [إبراهيم/ ٤٨] فحذف المتأخّر لدلالة ما تقدم عليه، ويجوز أن تكون: كما يئس الكفار من حشر أصحاب القبور.
ومن ذلك قوله: وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا [الفرقان/ ٢١] وقال: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ [الأنعام/ ٣١] فالمعنى والله أعلم:
بالبعث، كما قال: بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً [الفرقان/ ٤٠] ويقوي ذلك «١» حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً [الأنعام/ ٣١] وعلى هذا قوله: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ [السجدة/ ١٠].
فأما قوله: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ [الأحزاب/ ٤٤] فالمعنى: يوم يلقون ثوابه، فهم «٢» خلاف من وصف بقوله:
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم/ ٥٩] وقوله: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ [البقرة/ ٢٢٣] أي: ملاقون جزاءه، إن ثوابا وإن عقابا. وقوله: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة/ ٤٦] أي ملاقو ثواب ربّهم، خلاف من وصف بقوله: لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا [البقرة/ ٢٦٤] وقوله: حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً [النور/ ٣٩]

وخالفها في بيت نوب عوامل.
ونوب: تنتاب المرعى، وعوامل: تعمل العسل والشمع.
(١) في (ط): قوله جل وعز.
(٢) في (ط): وهم.


الصفحة التالية
Icon