[الروم/ ٣] لأن الضمير للرّوم وهم المغلوبون كأنه: لمّا قيل:
فَخُذْها بِقُوَّةٍ [الأعراف/ ١٤٥] أي بجد واجتهاد، أعلمنا أنه أخذ بما أمر به، وتلقاه بالقبول، فالمعنى: من لقاء موسى الكتاب، فأضيف المصدر إلى ضمير الكتاب، وفي ذلك مدح له على امتثاله ما أمر به، وتنبيه على الأخذ بمثل هذا الفعل كقوله: اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [الأنعام/ ١٠٦] وفَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [القيامة/ ١٨] ويجوز أن يكون الضمير لموسى، والمفعول به محذوف، كقوله: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ [فاطر/ ١٤] فالدعاء مضاف إلى الفاعل، والمفعولون محذوفون. ومثل ذلك في إضافة المصدر إلى الفاعل، وحذف المفعول به قوله: لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ [المؤمن/ ١٠] وهذا على قياس من قرأ: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ لأن موسى هو اللاقي، كما أن آدم هو المتلقّي.
ويجوز أن يكون الضمير لموسى في قوله: مِنْ لِقائِهِ ويكون الفاعل محذوفا، والمعنى من لقائك موسى، ويكون ذلك في الحشر والاجتماع للبعث، أو في الجنة، فيكون كقوله: فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها [طه/ ١٦] فأما قوله: لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ [المؤمن/ ١٥] فإنه يكون يوم تلاقي الظالم والمظلوم، والجائر والعادل، وتلاقي الأمم مع شهدائها كقوله: وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً [القصص/ ٧٥] ومثل يوم التلاقي قوله: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ [التغابن/ ٩] وقوله: لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ [النساء/ ٨٧]. ونحو ذلك من الآي.
وقوله: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [الروم/ ١٤]، فإن


الصفحة التالية
Icon