وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ [الصافات/ ١٣٧ - ١٣٨].
فكذلك الكلمة قد وقعت على القليل والكثير. فأما وقوعها على الكثير «١» فنحو ما قدمناه، وأما وقوعها على القليل، فإنّ سيبويه قد أوقعها على الاسم المفرد، والفعل المفرد، والحرف المفرد. فأما الكلام: فإن سيبويه قد استعمله فيما كان مؤلّفا من هذه الكلم، فقال: لو قلت: إن يضرب يأتينا، لم يكن كلاما، وقال أيضا: إنما يحكى: فقلت ونحوه، ما كان كلاما، لا قولا. فأوقع الكلام على المتألّف، وعلى هذا الذي استعمله جاء التنزيل، قال تعالى: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا [الفتح/ ١٥] فالكلام المذكور هنا «٢» والله أعلم يعنى به قوله: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا [التوبة/ ٨٣] ألا ترى قوله: كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ [الفتح/ ١٥]. والكلمات المذكورة في قوله «٣»: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة/ ٣٧] فيما فسّر هي قولهما: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا الآية [الأعراف/ ٢٢]. وسئل بعض سلف المسلمين عما يقوله المذنب، فقال: يقول ما قال أبوه «٤»:
ظَلَمْنا أَنْفُسَنا «٥» وما قاله موسى: قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي [القصص/ ١٦] وما قاله يونس: لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء/ ٨٧]

(١) سقطت «على الكثير» من (ط).
(٢) في (ط): هاهنا.
(٣) في (ط): عز وجل.
(٤) في (ط): ما قاله أبوه آدم: رَبَّنا ظَلَمْنا....
(٥) في (ط): الآية.


الصفحة التالية
Icon