[النور/ ٢٤] والشهادة «١»: كلام وقول. وقال: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا؟ قالُوا: أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ [فصلت/ ٢١].
ومن ذلك قوله: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً [النساء/ ٤٢] لأن ما ذكر من جوارحهم تشهد عليهم، فقيل: لا يكتمون، لمّا كان إظهار ذلك وإبداؤه بجوارحهم.
والقول، والكلام، والمنطق، يستعمل كل واحد من ذلك في موضع الآخر ويعبر بكل واحد منها كما عبر بالآخر، قال:
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ [الشعراء/ ٢٢٦] وقال: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ [النمل/ ١٦] وقال عن الهدهد: فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ [النمل/ ٢٢] فأما قوله: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [الجاثية/ ٢٨] فهو في المعنى: كقوله: مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها [الكهف/ ٤٩] وقوله: وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً [النبأ/ ٢٩] أي: كل شيء من أعمالهم، كما قال: وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ، وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ [القمر/ ٥٢ - ٥٣] وقال: أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ [المجادلة/ ٦] وقال: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً [الإسراء/ ١٣] وقال: هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ [يونس/ ٣٠].
وأنشد أبو الحسن «٢»:

(١) في (ط): فالشهادة.
(٢) لم نعثر على قائله. وقد وردت قافية البيت في (ط): «الأسحار» بدل «فاجتنبتنا».


الصفحة التالية
Icon