قتال فيه كبير، وصد وكفر، أي: القتال قد جمع أنه كبير وأنه صد وكفر. أو يكون مرتفعا بالابتداء وخبره «١» محذوف، لدلالة كبير المتقدم عليه، كأنه قال: والصدّ كبير، كقولك: زيد منطلق وعمرو أو يكون مرتفعا بالابتداء والخبر المظهر، فيكون الصدّ ابتداء، وما بعده من قوله: وكفر به وإخراج أهله يرتفع بالعطف على الابتداء، والخبر قوله: أكبر عند الله، فلا يجوز الوجهان الأولان، وهما جميعا قد أجازهما الفراء.
أما الوجه الأول فلأنّ المعنى يصير: قل: قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله كبير، والقتال، وإن كان كبيرا ويمكن أن يكون صدا لأنه ينفّر الناس «٢» عنه، فلا يجوز أن يكون كفرا. ألا ترى أن أحدا من المسلمين لم يقل ذلك، ولم يذهب إليه؟ فلا يجوز أن يكون خبر المبتدأ شيئا لا يكون المبتدأ. ويمنع من ذلك أيضا قوله بعد: وإخراج أهله منه أكبر عند الله [البقرة/ ٢١٧] ومحال أن يكون إخراج أهله منه أكبر من الكفر، لأنه لا شيء أعظم منه.
ويمتنع الوجه الثاني أيضا، لأن التقدير فيه يكون: قتال فيه كبير وكبير الصد عن سبيل الله والكفر به. وكذلك مثّله الفراء «٣» وقدّره، وإذا صار كذلك، صار المعنى: وإخراج أهل المسجد الحرام أكبر عند الله من الكفر، فيكون بعض خلال الكفر أعظم منه كله، وإذا كان كذلك امتنع كما امتنع الأول، وإذا امتنع هذان ثبت الوجه الثالث: وهو: أن يكون قوله: وصدّ عن سبيل الله ابتداء، وكفر به،

(١) في (ط): والخبر.
(٢) في (ط) ينفر الناس.
(٣) معاني القرآن ١/ ١٤١.


الصفحة التالية
Icon