أنّه قال: يغضوا، ولم يقل: غضوا، فيكون للخطاب كقراءة من قرأ ستغلبون وكذلك: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [النور/ ٣١].
إلّا أنّ من الناس من يحمل هذا «١» على إضمار لام الأمر، وإضمار الجازم لم نعلمه جاء في حال السعة، وقد قيل: إنّ الذين كفروا: اليهود. والضمير في سيغلبون للمشركين، فعلى هذا القول لا يكون سيغلبون إلّا بالياء، لأنّ المشركين غيب.
والخطاب لهم، وما تقدّم ذكره أوجه لما ذكرناه من جواز وقوع الذين كفروا على الفريقين، ولأنّهما جميعا مغلوبان، فاليهود وأهل الكتاب غلبوا بوضع الجزى عليهم، وحشرهم لأدائها، والمشركون غلبوا بالسيف، فالقول الأول أبين. ومن قرأ: (يرونهم) بالياء، فلأنّ بعد الخطاب غيبة، وهو قوله: فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم [آل عمران/ ١٣] أي: ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثليهم.
ومما يؤكد الياء قوله: مثليهم، ولو كان على التاء لكان:
مثليكم، وإن كان قد جاء: وما آتيتم من زكاة [الروم/ ٣٩] ثمّ قال: فأولئك هم المضعفون [الروم/ ٣٩] ورأيت هنا المتعدية إلى مفعول واحد يدلّك على ذلك تقييده برأي العين، وإذا كان كذلك، كان انتصاب مثليهم على الحال لا على أنّه مفعول ثان.
وأمّا مثل فقد يفرد في موضع التثنية والجمع.

(١) في (ط): هذا النحو.


الصفحة التالية
Icon