قال أبو علي: القول في ذلك: أن الإثبات حسن والحذف حسن، وذلك أن الفواصل في أنّها أواخر الآي مثل القوافي في أنّها أواخر البيوت، فكما أنّ من القوافي ما لا يكون إلّا
محذوفا منه، ومخالفا لغيره، كذلك الفواصل. وكما أنّ من القوافي ما يكون فيه الحذف والإتمام جميعا، كذلك تكون الفواصل. فمما لا يكون من القوافي إلّا ما قد حذف منه هذه الياء وحذف منها غير هذه الياء قول الأعشى:
فهل ينفعنّي ارتيادي البلا... د من حذر الموت أن يأتين
ومن شانئ كاسف وجهه... إذا ما انتسبت له أنكرن
«١» فهذا لا يكون إلّا محذوفا منه، ألا ترى أنّ هذا الضرب لا يخلو من أن يكون: فعولن، أو فعول، أو فعل، ولا يجوز تحريك الياء في شيء من ذلك، فعلى هذا يكون من «٢» الفواصل ما يكون ملزما الحذف، وأما ما يجوز فيه الحذف والإتمام فقوله:
وهم وردوا الجفار على تميم... وهم أصحاب يوم عكاظ إنّ
«٣»

(١) البيتان من قصيدة طويلة في مدح قيس بن معديكرب في ديوانه/ ١٥ - ٢٥ ورواية الأول: «فهل يمنعني» بدل «ينفعني» وانظر الكتاب ٢/ ١٥١ و ٢٩٠، والمحتسب ١/ ٣٤٩، وابن يعيش ٩/ ٤٠، ٨٦ والعيني ٤/ ٣٢٤، وابن الشجري ٢/ ٧٣ (الثاني من البيتين).
(٢) في (ط): في.
(٣) البيت للنابغة الذبياني برواية ابن السكيت/ ١٩٩ وفيه: «إنّي» بدل «إنّ».
عكاظ: سوق بين مكّة والطائف، والجفار: ماء معروف لبني أسد وكانت عليه


الصفحة التالية
Icon