جاءت: أي: هم لا يؤمنون، مع مجيء الآية إياهم.
فأما يشعركم، فإنك تقول: شعرت بالشيء كما تقول:
دريت به، وقال: دريته، فيجوز أن يكون شعرت مثله في أنه يتعدّى مرة بحرف، ومرّة بلا حرف كدريت، فمن عدّاه بالحرف جاز أن يكون أنّ في قول من لم يجعله بمعنى: لعلّ، في موضع جر، لأن الكلام لما طال صار كالبدل منه «١» وجاز أن يكون في موضع نصب.
فأما قراءة ابن كثير وأبي عمرو: فالتقدير فيها: وما يشعركم إيمانهم. فحذف المفعول، أي: لو جاءت الآية التي اقترحوها لم يؤمنوا، ثم قال: إنها إذا جاءت لا يؤمنون [الأنعام/ ١٠٩]، كما قال: ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله [الأنعام/ ١١١] [أي: إلّا أن يشاء إجبارهم على الإيمان] «٢».
ولو فتح أنّ، وجعلها التي في نحو: بلغني أن زيدا منطلق، لكان عذرا لمن أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون، لأنه إذا قال القائل: إنّ زيدا لا يؤمن، فقلت: ما يدريك أنه لا يؤمن، فالمعنى أنه: يؤمن، وإذا كان كذلك كان عذرا لمن نفى الإيمان عنه.
فأما وجه قراءة من فتح أنّ، فإن في فتحها تأويلين:
أحدهما: أن يكون بمعنى لعلّ كقوله «٣»:

(١) في (ط): منها.
(٢) سقط ما بين معقوفين من (ط).
(٣) البيت لأبي النجم وقد ورد شطره الثاني عند سيبويه ١/ ٤٦٠ وفي


الصفحة التالية
Icon