فحديثهم بذلك إشاعة منهم له ذكر وإفشاء. ومثل هذا في المعنى في قراءة ابن كثير قوله: وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به
عند ربكم أفلا تعقلون
[البقرة/ ٧٦] فوبخ بعضهم بعضا. بالحديث بما علموه من أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- «١» وعرفوه من وصفه «٢»، فهذه الآية في معنى قراءة ابن كثير، ولعله اعتبرها في قراءته هذه «٣». فإن قلت: فكيف وجه دخول أحد في قراءة ابن كثير، وقد انقطع من النفي بلحاق الاستفهام، والاستفهام ما بعده منقطع مما قبله، والاستفهام على قوله تقرير وتوبيخ كما أنه في «٤» قوله: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم تقرير، وإذا كان تقريرا كان بمعنى الإيجاب، وإذا كان بمعنى الإيجاب، لم يجز دخول أحد في الكلام كما لم يجز دخوله في الإيجاب، ألا ترى أن التقرير لا يجاب بالفاء كما لا يجاب الإيجاب بها؟ وأحد على قول ابن كثير أيضا يدلّ «٥» على الكثرة، كما أنّه في قول سائرهم ممن لا يستفهم كذلك، ألا ترى أن بعده: أو يحاجوكم والضمير ضمير جماعة؟ فالقول في ذلك أنّه يجوز أن يكون أحد في هذا الموضع أحدا الذي في نحو: أحد وعشرون «٦» وهذه تقع في الإيجاب، ألا ترى أنّه بمعنى واحد؟.
(٢) في (ط): صفته.
(٣) زيادة من (ط).
(٤) في (ط): على.
(٥) في (ط): يدل أيضا.
(٦) في (ط): أحد وعشرين.