أجرهم لأنّ من أحسن عملا هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
فكذلك قوله: لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم تقديره: مصدّق له: أي: مصدق لما آتيتكم من كتاب وحكمة. ألا ترى أنّ ما معهم هو ما أوتوه من كتاب وحكمة؟
فهذا وجه. ويجوز فيه شيء آخر، وهو: أن يكون: (لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول [مصدق لما معكم لتؤمنن] به) أي: بتصديقه، أي: بتصديق ما آتيتكموه، فحذف من الصلة، وحسن الحذف للطّول، كما حسن الحذف للطول فيما حكاه «١» الخليل من قولهم: «ما أنا بالذي قائل لك شيئا» «٢».
فأمّا من فتح اللام فقال: لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم فإنّ ما فيه تحتمل «٣» تأويلين: أحدهما: أن تكون موصولة، والآخر: أن تكون للجزاء. فمن قدّرها موصولة، كان القول فيما يقتضيه قوله: ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم [آل عمران/ ٨١] من الراجع إلى الموصول، ما تقدّم ذكره في وجه قراءة حمزة. فأمّا الراجع إلى الموصول من الجملة الأولى فالضمير المحذوف من الصلة تقديره: لما آتيتكموه، فحذف الراجع كما حذف من قوله: أهذا الذي بعث الله رسولا [الفرقان/ ٤١] ونحو ذلك. واللّام في لما فيمن قدّر ما موصولة لام الابتداء وهي المتلقية «٤» لما أجري مجرى القسم من قوله:
(٢) في سيبويه ١/ ٣٩٩: زعم الخليل أنّه سمع عربيّا يقول «ما أنا... ».
(٣) في (ط): «يحتمل».
(٤) في (ط): المنقلبة.