وإذا كان هذا الحرف على هذا، فالداري في وصف القديم لا يسوغ، فأما قول الراجز «١»:
لا همّ لا أدري وأنت الداري فلا يكون حجة في جواز ذلك لأمرين: أحدهما: أنه لما تقدم لا أدري، استجاز أن يذكر الداري بعد ما «٢» تقدم لا أدري، كما جاء: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه [البقرة/ ١٩٤] ونحو ذلك، ولو لم يتقدم ذكر الاعتداء، لم يحسن في الابتداء الأمر بالاعتداء، وكذلك إن تسخروا منا، فإنا نسخر منكم [هود/ ٣٨]، وقوله سبحانه «٣»: إنما نحن مستهزئون، الله يستهزىء بهم [البقرة/ ١٤].
والأمر الآخر: أن العرب «٤» ربّما ذكروا أشياء لا مساغ لجوازها كقوله «٥»:

لا همّ إن كنت الذي بعهدي ولم تغيّرك الأمور بعدي
وقول الآخر «٦»:
لو خافك الله عليه حرّمه
(١) وهو العجاج، وقد سبق انظر ١/ ٢٦٠.
(٢) في (ط): بعده لتقدم.
(٣) سقطت من (ط).
(٤) في (ط): الأعراب.
(٥) سبق انظر ١/ ٢٦١.
(٦) لسالم بن دارة، سبق ١/ ٢٦١.


الصفحة التالية
Icon