في الكثرة، فمن صرف في جميع المواضع كان حسنا، ومن لم يصرف في جميع المواضع فكذلك.
وكذلك إن صرف في موضع ولم يصرف في موضع آخر، إلا أنّه لا ينبغي أن يخرج عما قرأت به القرّاء، لأنّ القراءة سنّة، فلا ينبغي أن تحمل على ما تجوّزه العربيّة حتى ينضم إلى ذلك الأثر من قراءة القرّاء.
ومثل ثمود في أنّه يكون مرّة مذكّرا اسما للأب أو الحيّ، فيصرف، ومرّة يؤنّث فيكون اسما للقبيلة فلا يصرف قوله تعالى: إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها [النمل/ ٩١]، وفي الأخرى: وهذا البلد الأمين [التين/ ٣]، فعبّر عن مكان بعينه مرّة بلفظ التذكير، وأخرى بلفظ التأنيث، والبلدة المحرّمة يعني بها مكة وكذلك وهذا البلد الأمين فوصف بالأمن مثل قوله: ومن دخله كان آمنا [آل عمران/ ٩٧]، فجرى الوصف على البلد في اللفظ، والمعنى على من فيه من طارئ وقاطن، وهذا آمن في حكم الشرع لا يهاج فيه، ولا يفعل به ما يكون يفعله به غير آمن، ومن ذلك قول الشاعر «١»:
كسا الله حيّي تغلب ابنة وائل | من اللّؤم أظفارا بطيئا نصولها |
قال ابن قتيبة: يقول: لم يؤتوا في لؤمهم من قبل أمهاتهم، ولكن ألزقها بالعفر- وهو التراب- الآباء.