الموضعين، وقد تقدم ذكر الحجة على ذلك. فقول من رفع في الآية إلا امرأتك* أنه جعله بدلا من أحد* الثابت في قراءة العامة، وإذا ثبت أحد* لم يمتنع البدل منه، ولم يكن في ذلك كقراءة من لم يثبت في قراءته: ولا يلتفت منكم أحد، ومما يقوّي الرفع في قوله: ما جاءني أحد إلا زيد، أنه يحمل على المعنى، والمعنى: ما جاءني إلا زيد، كما حمل سيبويه قولهم: ما جاءني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدا، وعلى المعنى فلم يجز فيه إلا النصب في زيد، لمّا كان المعنى على: قال ذاك كلّ من جاءني إلا زيدا، فكما تحمل هذه المسألة على المعنى، ولم يجز فيه إلا النصب، كذلك قوله: ما جاءني أحد إلا زيد، ينبغي أن يحمل على المعنى، فيضعف النصب فيه، كما لم يجز إلا النصب في: ما جاءني أحد إلا قد قال ذاك إلا زيدا، لأن الاستثناء فيه من القائلين لا من أحد عنده.
قال أبو عمرو: وقد أجاز غير سيبويه فيها الرفع، قال:
وهو يجوز ضعيفا أو على بعد، ألا ترى أنك تقول: ما رأيت أحدا ضرب أحدا، يريد أن الرفع يجوز، لأن الكلام في تقدير النفي، بدلالة جواز وقوع أحد فيه، وأحد إنما يقع في النفي، فكما جاز وقوع أحد فيه بعد الصفة، كذلك يجوز فيه الرفع، وكان ذلك أيضا للحمل على المعنى، لأن الصفة هي الموصوف، فإذا نفي الموصوف، فكأنّ الصفة أيضا قد نفيت من حيث كان هو هو، ومن ثمّ جاز البدل من الضمير الذي في الصفة، لما كان الموصوف في المعنى في نحو قول عديّ «١»: