إنه كان مخلصا في مريم بكسر اللام، وقرأ سائر القرآن المخلصين بفتح اللام، فأما ما فيه الدين [الأعراف/ ٢٩، والزمر/ ١١] أو ديني [الزمر/ ١٤]، فلم: يختلف فيه أنه بكسر اللام.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: المخلصين، ومخلصا في سائر القرآن بفتح اللام «١».
حجّة من كسر اللام من المخلصين* ومخلصا* قوله:
وأخلصوا دينهم لله [النساء/ ١٤٦]. فأما قراءة نافع في مريم: مخلصا بكسر اللام فعلى معنى أنه كان مخلصا دينه، أو مخلصا عبادته.
فأما ما فيه الدين كقوله: مخلصين له الدين [غافر/ ١٤] قل الله أعبد مخلصا له ديني [الزمر/ ١٤] فلأن الدين وديني مفعول به، وفي اسم الفاعل ذكر مرتفع بأنه فاعل. ومعنى: مخلصا له ديني: أي: أتوجه في عبادتي إليه، من غير مراءاة في ذلك، وكذلك مخلصين له الدين أي: لا يشركون في عبادته أحدا، كما قال: ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [الكهف/ ١١٠]، ولم يكونوا كمن قال: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [الزمر/ ٣]. وأقول في ذلك: أخلصت ديني لله، ولا يكون أخلصت ديني لله، كما لا يكون: أخلصوا دينهم لله، ويجوز في التي في الزّمر: وهو مخلصا له ديني أي: أخلصه أنا، ومخلصا له ديني أي: يخلص ديني له، يكون هو المخلص في المعنى، إلّا أنه بني الفعل للمفعول به، وهذا يجوز في العربية.

(١) السبعة ٣٤٨.


الصفحة التالية
Icon