غيره، ليكون هذا ردعا للقاتل عن القتل. كما أن قوله: ولكم في القصاص حياة [البقرة/ ١٧٩] كذلك، فالوليّ إذا اقتصّ فإنما يقتصّ للمقتول، ومنه انتقل إلى الوليّ بدلالة أن المقتول لو أنّه أبرأ من السبب المؤدّى إلى القتل لم يكن للولي أن يقتص، ولو صالح الوليّ من العمد على مال، كان للمقتول أن يؤدّي منه ديته «١»، ولا يمتنع أن يقال في المقتول: منصور، لأنّه قد جاء: ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا [الأنبياء/ ٧٧].
والآخر: أن يكون في (يسرف) ضمير الولي فلا يسرف الولي في القتل، وإسرافه فيه: أن يقتل غير من قتل، أو يقتل أكثر من قاتل وليه، وكان مشركوا العرب يفعلون
ذلك، والتقدير: فلا يسرف الوليّ في القتل، إن الولي كان منصورا بقتل قاتل وليّه، والاقتصاص من القاتل.
ومن قرأ: (فلا تسرف) بالتاء، احتمل أيضا وجهين:
أحدهما: أن يكون المبتدئ القاتل ظلما، فقيل له: لا تسرف أيها الإنسان فتقتل ظلما من ليس لك قتله، إن من قتل ظلما كان منصورا بأخذ القصاص له.
والآخر: أن يكون الخطاب للوليّ فيكون التقدير: لا تسرف في القتل أيها الوليّ، فتعدّى قاتل وليّك إلى من لم يقتله، إن المقتول ظلما كان منصورا، وكلّ واحد من المقتول ظلما. ومن وليّ المقتول قد تقدّم ذكره في قوله: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا [الإسراء/ ٣٣].

(١) في الأصل: دينه.


الصفحة التالية
Icon