عبيدة: ليخرجوك منها. [الإسراء/ ٧٦] فأمّا الأرض فهو بلده، وحيث يستوطنه، وكذلك قوله: أو ينفوا من الأرض [المائدة/ ٣٣]، إنما هو من حيث كانوا يتصرّفون فيه لمعاشهم ومصالحهم، ولا يجوز أن يعنى به جميع الأرض، لأنه لا سبيل إلى إخراجه من جميعها، وكذلك قوله: فلن أبرح الأرض [يوسف/ ٨٠] إنما يريد به الأرض التي كان قصدها للامتياز منها، فربّما أطلقت اللفظة، والمراد بها المكان المخصوص، وربما خصّص في اللفظ: يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره [الشعراء/ ٣٥] إنما يعني به بلادهم ومواطنهم.
ولو أخرجوك من أرضك، لم يلبثوا بعدك إلا قليلا حتى يستأصلوا، وهذه الآية كقوله: وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك، أو يقتلوك، أو يخرجوك [الأنفال/ ٣٠] فلو أخرجوك لاستأصلناهم كسنّتنا في إخراج الرسل قبلك إذا أخرجوا من ديارهم، ومن ظهرانيهم. وقد أخرج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من مكة قال: وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم [محمد/ ١٣] فحكم فيهم بالقتل، ولم يؤخذوا بالاستئصال لما سبق من القول بأنه لا تهلك هذه الأمة بالاستئصال.
وكذلك جاء وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون [الإسراء/ ٥٩].
[الاسراء: ٨٣]
اختلفوا في قوله عز وجل (ونأى بجانبه) [الإسراء/ ٨٣].
فقرأ ابن كثير ونافع: (ونأى بجانبه) في وزن نعى حيث وقع بفتح النون والهمزة.
وقرأ ابن عامر وحده: (وناء بجانبه) مثل باع «١». وقرأ حمزة

(١) في الأصل (ط): ناعء، وما أثبتناه من السبعة.


الصفحة التالية
Icon