أي: ذات قطع، وذلك أنّه أسقط فعل لا يتعدى إلّا إلى مفعول واحد، فإذا كان كذلك وجب أن ينتصب كسفا على الحال، والحال ذو الحال في المعنى، فإذا كان كذلك وجب أن يكون الكسف هو السماء، فيصير المعنى: أو تسقط السماء علينا مقطعة أو قطعا، وإنما قرءوا في الروم في قوله: الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا متحركة السين، لأن السحاب يكون قطعا، وإنّما يتضامّ عن تفرّق، فأمّا قوله: من خلاله [النور/ ٤٣] فالذّكر يرجع إلى السحاب، وأما قراءة نافع وعاصم في رواية أبي بكر: (علينا كسفا) هاهنا، وفي الروم فقد مضى ما جاء من ذلك في الروم، وفي بني إسرائيل كذلك، لأن المعنى: تسقط السماء علينا كسفا، أي: قطعا، وكسف في جمع كسفة مثل: سدرة وسدر، وكسف على هذا يجوز أن يكون مثل: سدرة وسدر، ودرّة ودرر. وإذا لم يكن المعنى في بني إسرائيل: تسقط السماء علينا قطعة، وإنما المعنى تسقطها قطعا، كان التقدير ذات كسف.
فأما ما في الشعراء من قوله: فأسقط علينا كسفا فتقديره:
قطعا، وهذا يقوي قراءة نافع وعاصم في إحدى الروايتين كسفا في بني إسرائيل. وفي الشعراء يتبين في اللفظ أيضا على أنه يراد به القطع وهو قوله: من السماء فكأنه دلّ على بعض السماء، وعلى قطع منها. وأما ما في سبأ من قوله: أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء فكما أن المعنى في قوله: إن نشأ نخسف بهم الأرض التي يتقلبون فيها ويتصرّفون في بلادهم ومساكنهم، وكذلك نسقط عليهم من السماء ما أظلّهم منها دون سائر السماء فهو واحد. وأمّا ما في


الصفحة التالية
Icon