وقريب من هذا الوجه: رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين [الأنبياء/ ٨٩] على أنه لا يجوز على نبيّ الله أن يقول: أخاف أن يرثني بنو عمي وعصبتي على ما فرضته لهم، وكأن الذي حمله على مسألة ذلك ربّه ما شاهدهم عليه من تبديلهم الدين واطّراحهم له وتوثّبهم على الأنبياء وقتلهم إيّاهم. وروي عن عثمان بن عفان، رضي الله عنه:
وإني خفت الموالي من ورائي وكأن المعنى: أنهم قلّوا وقلّ من كان منهم يقوم بالدين، فسأل وليّا يقوم به، وقد قال الشاعر:
إذا أنا لم أومن عليك فلم يكن | كلامك إلّا من وراء وراء |
وزعم أنه شعر مرفوع: وإلا من وراء وراء، يريد به: ورائي، فحذف ياء الإضافة، وتدلّ الكسرة عليها. فيكون: من وراء وراء، وتكون الثانية بدلا من الأولى، أو تكريرا،
ويكون: من وراء وراء، على أن تجعل وراء معرفة فلا تصرفها للتأنيث والتعريف، وتكون الثانية تكريرا، وروى ابن حبيب عن أبي توبة: إلا من وراء وراء، أضاف وراء إلى وراء فجره للإضافة، وبنى وراء المضاف إليها على الضمّ مثل: تحت ودون، ويجوز: إلا من وراء وراء، تضيف وراء الأول إلى الثاني، وقد جعلته لا ينصرف للتأنيث والتعريف وراء الأول التقدير فيه الإفراد كما يقدر في سائر ما يضاف ذلك.
(١) انظر ابن يعيش ٤/ ٨٧ وفيه: «لقاؤك» بدل «كلامك» والدرر ١/ ١٧٧، وانظر اللسان (وري) وأورد البيت في جملة أبيات نسبها لعتيّ بن مالك العقيلي.